من بين المقولات الانتقائية اعتباطيا،طبقيا ورمزيا؛التي صارت متداولة لدينا تكرسها أساسا بعض بوابات إعلامنا،لاسيما المرئي والمسموع؛تقديم دال نعت الحاج حتما ولزوما،قبل مدلول الاسم الشخصي.هكذا، عوض الاكتفاء بصفة فنان،وهي حقيقة تظل بالنسبة لأنساق المجموعات البشرية المتقدمة،وصفة كافية كفاية تامة؛دونما حاجة صاحبها إلى شرعنة وظيفته بحجية أخرى، مهما كانت وكيفما جاءت.
تقديم :((يمثل الفكر الاقتصادي الكلاسيكي الجديد لعنة على العالم الراهن((هكذا يشير،سمير أمين البالغ من العمر 81 سنة،الذي لا يعتبر ليِّنا بالنسبة للعديد من زملائه الاقتصاديين. ثم أيضا قياسا لسياسات الحكومات : ((الادخار من أجل تقليص المديونية ؟يشكل أكاذيب مقصودة))،((ضبط القطاع المالي؟بمثابة جمل جوفاء)).
يعالج سمير أمين إشكالية تجاوز الرأسمالية المتأزمة : ((حان الوقت كي يتحلى اليسار بالجرأة ! عليه أن يشكل جبهة ضد الاحتكارات))،((أن تكون ماركسيا يقتضي بالضرورة أن تكون شيوعيا،لأن ماركس لا يفصل أبدا النظرية عن الممارسة ))و((الانخراط في النضال من أجل تحرير العمال والشعوب)).
يحلل سمير أمين الأزمة،ثم يتطرق إلى النضال ضد جبروت الاحتكارات الرأسمالية ومن أجل مجتمع آخر.
انسوا نورييل روبيني،ألياس دوم، الاقتصادي الأمريكي الذي صار مشهورا لكونه تكهن سنة 2005 بتسونامي النظام المالي.هاهو سمير أمين،الذي سبق له التنبؤ بالأزمة منذ بداية سنوات السبعينات :((خلال تلك الحقبة أنا واقتصاديين أمثال فرانك كنيت، جيوفاني أريغي، إيمانويل واليرستين، هاري ماجدوف،بول سويزي، أكدنا بأن الأزمة الجديدة الكبرى ابتدأت.نعم كبيرة وليست صغيرة نتيجة اهتزازات مثلما هيأت لذلك إشارات قبلية،يتذكر سمير أمين،أستاذ شرفي،ومدير منتدى العالم الثالث،في داكار ومؤلف العديد من الكتب التي ترجمت على امتداد كل العالم.يضيف سمير أمين :((لقد نظروا إلينا كمجانين،أو كشيوعيين تصوروا رغباتهم كحقائق. كل شيء يسيرعلى مايرام، السيدة لاماركيز. لكن الأزمة الكبيرة ستبدأ حقا خلال تلك الحقبة،واستمرت مرحلتها الأولى من سنة 1972 إلى 1980 )) .
تتجاوز قضية العنف المتسيدة حاليا فضاءات المدرسة المغربية، نجاح أو إخفاق العلاقات التربوية بل الإنسانية؛ قبل ذلك،بين المدرسين والممدرسين،إلى دينامية مسار كلي ومتكامل، لمنظومة سوسيو- ثقافية أخلاقية؛بكل مرتكزاتها وتشكلاتها وتلاوينها.هكذا، سيبقى أي اختزال ميكانيكي للعنف المدرسي،نحو مسألة محض معطى مادي مباشر،لا يتجاوز نطاق مفاهيم واقعة السب والشتم والعراك والضرب واللكم والرفس والركل وإشهار السلاح الأبيض…. ،دون استحضار عميق للسياق العام،لكل مكونات هذه المنظومة المجتمعية مجرد دوران سيزيفي، بلا إضافات حقيقة؛بوسعها إدراج النقاش ضمن سبيل أجوبة ناجعة.
بناء عليه،يستحيل في اعتقادي إنقاذ مدارسنا من منحاها العبثي،كما وضعها راهنا،دون إعادة تفكير جدي في تشكيل أذرع المدارات التالية :
تقديم : يمتلك عبد السلام بنعبد العالي مهارة أن يتكلم حِكما مثلما يكتب،تمرين يثيره بشكل خاص.عندما اتصلنا به لإجراء هذه المقابلة،بدأ في إظهار بعض التردد.ولد بنعبد العالي بسلا سنة 1945 ،حيث لازال مقيما،فهذا الرجل المتواضع،والمحتشم،يتملص من فكرة تقديم حوارات.حينما اقتنع بجدوى دعوة هذا اللقاء فاستجاب ،رد علينا : ((أتيت مثل طالب عاد من العطلة،وقد اكتنفه شعور بأنه نسي كل شيء)).يعتني فيلسوفنا بالنسيان الإرادي،وفق صورة هذا الأسلوب الذي يذكرنا بأن الثقافة،هي ما يتبقى لنا بعد نسيان كل شيء.
منذ الوهلة الأولى،يمكن أن يحدث لديكم الانطباع حين قراءة مؤلفاته،أنه ينجز شذرات، كتابات مكثفة،إلى حد ما على منوال رولان بارت،محلقا من إشكاليات في غاية الجدة كالابستمولوجيا،الترجمة وفكر الآخر،نحو موضوعات أخرى تبدو بلا قيمة،مثل مباراة في كرة القدم،أو خبر قضائي أو مواقع التواصل الاجتماعي.
حقيقة، ينتمي عبد السلام بنعبد العالي،إلى تلك الأقلية من الفلاسفة المنشقين،الذين تخلصوا من الدوكسا والايديولوجيا،وقد اتجه اهتمامهم بأناة،إلى عناصر التفاصيل المستلهمة للأدب وكذا اليومي،ثم تفكيك مجتمع الفرجة.ثم باعتباره نيتشويا ،اتجه اهتمامه متفانيا ووجد سعادة في تعرية الأفكار المبتذلة.يكتب، موصولا على نحو دؤوب منذ سنوات بمجلات (أقلام، فكر ونقد) والجرائد (الحياة) ،فهذا المفكر والكاتب باللغة العربية،المزدوج الثقافة،لايتوقف عن محاورة نظرائه ،بنصوص تتوسط.
يتواجد عبد السلام بنعبد العالي باستمرار بين مواقع القارئ والمترجم وكذا الفيلسوف.هذه الرشاقة تأتت له من تكوين مزدوج في الرياضيات ومؤرخ للفلسفة،قدر مصاحبته الطويلة لموروثات تتعلق بكتابات مقدسة،يرتحل بينها بيسر وله طريقة متفردة كليا للتمكن منها. في ذات الآن،أدرك كيفية مراعاة هاجس تبليغها.مما خول له اليوم نتاجا غزيرا قارب ثماني عشرة كتابا،صدرت جميعها بفضل دعم صديقه الشاعر محمد بنيس،مشعا بالتالي بفكره أبعد من الدوائر المطَّلِعة.