مقالات نقدية مادور الترجمة في خلق عالم أفضل؟
2024 - 12 - 02

من بين أكبر الأعطاب المجتمعية التي تترتَّب عنها أزمات بنيوية وارتدادات مفصلية ثم في نهاية المطاف جملة كوارث إنسانية،أساسه عدم بلوغ أيّ مجتمع مستوى متطوِّر فيما يتعلق بصقل أدبيات التواصل.

نجاح أو إخفاق أو مجرَّد اختلال يكتنف منظومة التواصل،معناه تعبيد الطريق أمام تداعيات سوء الفهم،استطراد أخطاء التَّأويل،عدم الوضوح، التَّضليل،العداوات، الضَّغينة، سيادة العنف.

يخفق التواصل،يضيع المعنى،يترسَّخ التِّيه ثم تتوالى تباعا سلبيات ذلك من الأحادية الدلالية إلى التسلُّط الشامل،وتفشِّي مختلف العلل النفسية المزمنة.

بناء عليه،يبدو الحلّ بسيطا،بخصوص مختلف الانهيارات التي يعيشها العالم،يكمن الترياق في إعادة ترميم أدبيات التواصل.تواصل الإنسان،مع ذاته قبل كل شيء،والإصغاء لدواخله جيدا،قصد تركيزه أولا وأخيرا،على التصالح معها،والتقاط نبضها،كي يستوعب حقيقة وجوده في هذه الدنيا الملغِزة حكايتها،ثم التواصل مع الآخر حتى يتم تفكيك شفرة وحدة التعدُّد وتعدُّد الوحدة.

والحالة تلك،تجد الترجمة وضعها طوعا أو كرها،في طليعة من يستحق بامتياز شرف هذه المعركة المصيرية.لذلك،كلما أثيرت قضية السلام العالمي،واستتباب لبنات التعايش بين الأمم على امتداد الجغرافيات،يبرز ضمن المقام الأول بغضِّ النظر عن فاعلية المؤسسات السياسية،قضية الترجمة ودورها المحوري على مستوى تذويب الفوارق والتباينات بين الحضارات،عبر ترسيخها جسور التواصل والتعارف والتفاهم والتسامح.

فضائل عدَة،تنقلب آليا إلى نقيضها،حينما تتقلَّص مساحة مؤسَّسة الترجمة،بالتالي إتاحة المجال أمام مختلف أنماط الانطوائية و الشوفينية و التعصُّب،مادامت الحواجز لازالت ماثلة بزخم ولم يتم تقليص سُمْكها بواسطة الترجمة.

مقالات نقدية هل الترجمة إبداع أو مجرَّد استنساخ؟
2024 - 12 - 02

غالبا مايبدو ضمن التقليد المرسَّخ،إمكانية التساؤل حول الهوية الإبداعية للترجمة ومنحاها الحداثي أو فقط عملية استنساخية لبنيات قائمة سلفا،بمثابة استفسار استنكاري يضمر تهكُّما نحو الترجمة،أو بالأحرى تبخيسا ضمنيا لفعل الترجمة وتشوُّفه،كما الحال بالنسبة للتأليف والكتابة النظرية المستندين على حافز الخلق والانتشاء والولادة الجديدة، مقابل الترجمة التي هي استنساخ.

مقالات نقدية ماصفات المترجِم الناجح؟
2024 - 11 - 19

بالمطلق،هناك وصفة واحدة جامعة مانعة،دون غيرها كي ينجح المترجِم في إنجاز مهمَّته،ويظلُّ فاعلا ومنتِجا ضمن مضماره.يتعلق الأمر،أولا وأخيرا،بشفافيته الفكرية ومدى انسجامه مع ذاته عبر اختياراته المعرفية والمهنية.أفق،يشعره دوما بانسجام داخلي وتوازنٍ روحي،يغني ويثري جذوة الإبداع لديه،بالتالي تكريس معاني الحياة.

وحده،التماثل مع الذات بكيفية بنَّاءة و جدلية،تمنح المترجِم شعورا نفسيا بجدوى مايقوم به،و يؤطِّر سؤال الترجمة وفق أبعاده الوجودية العميقة،تسمو به بعيدا جدا،عن المحدِّدات العابرة والظرفية كي ترسِّخه ارتباطا بأخرى أبدية.

ترجمات جيل دولوز: نُبْلُ ياسر عرفات والقضية الفلسطينية(1)
2024 - 11 - 19

تؤرِّخ سنة 2017،لانقضاء مئوية ذكرى إعلان بلفور،ومرور سبعين عاما عن مخطَّط تقسيم فلسطين وكذا خمس وثلاثين سنة عن مذابح صبرا وشاتيلا،لكلِّ ذلك بادرت هيئة الحركة الفلسطينية إلى إعادة نشر مقالة كتبها جيل دولوز سنة 1983،إعرابا عن تقديره لياسر عرفات والقضية الفلسطينية.

اعتبر الفيلسوف الفرنسي الصهيونية حركة سياسية،يكمن هدفها في القضاء على الشعب الفلسطيني قصد سرقة أرضه.بشكل واضح،تمارس إبادة لاتفصح عن تسميتها، حيث :''الإبادة الفيزيائية تابعة للإجلاء الجغرافي''. أحال دولوز على إفناء الهنود الحمر، خلال حقبة الاستعمار الأوروبي في الولايات المتحدة الأمريكية،ثم أدرج الاستعمار اليهودي في فلسطين ضمن استراتجية رأسمالية''ترفض الالتزام بقيود معينة''،كي يبلغ دائما استغلال هذا النظام أقصى أبعاده.

رغم استمرار ارتباط حيثيات هذا النص ببعض معطيات سياقا حقبته التاريخية،فإنه أيضا يحتفظ دائما بميزة تضمُّنه ثوابت للمقاربة التحليلية،بحيث يتجلى واضحا عدم تغيُّر الخطاب الصهيوني،والنظر إلى الفلسطينيين كإرهابيين ونعت من ساند هذه القضية بالمعادين للسامية.اتَّسمت الصهيونية دائما بعنف راديكالي،خصوصيته أنَّه يشكِّل اليوم تعبيرا عن تآكلها الدائم.

فلسفة جيل دولوز،فلسفة للتحرُّر و الانعتاق،مما يستحضر التفكير في مركزية قضية الشعب الفلسطيني.

مقالة جيل دولوز شهر شتنبر :1983

تمثِّل القضية الفلسطينية قبل كل شيء،مجمل أشكال الإجحاف التي كابدها هذا الشعب ولازال مستمرّا في تحمُّل تبعات الوضع.يتبدَّى ذلك في أفعال العنف،وتجليات اللامنطق،والتعليلات الوهمية،والضمانات الزائفة التي تدعي تدارك ماجرى أو تحقيق الإنصاف.وظَّف ياسر عرفات كلمة واحدة،بمناسبة مذابح صبرا وشاتيلا،للتعبير عن وعود لم تتبلور، والتزامات انتُهِكت: مخجل،مخجل.

برَّر الادعاء بأنَّه أمر لايتعلق بإبادة.مع ذلك،انطوت الواقعة منذ البداية على كثير من ذكريات بلدة أورادور الفرنسية.لم يشمل فقط الإرهاب الصهيوني جماعة الانجليز،بل كذلك القرى العربية التي ينبغي زوالها،بهذا الخصوص أبانت منظمة الأراغون عن فاعلية كبيرة مثلما الشأن إبان مذبحة دير ياسين.منذئذ،استند السعي نحو غاية مفادها ليس فقط القضاء على وجود الشعب الفلسطيني،بل أكثر من ذلك،اقتلاع مرتكزات وجوده جملة وتفصيلا.

تحميل المزيد
لا مزيد من المشاركات لاظهار