مقالات نقدية طه حسين وسوزان بريسو
2024 - 04 - 19

مجرد ذِكر اسم طه حسين،يختزل جملة وتفصيلا تاريخا بأكمله،قائم الذات،متكامل الهياكل،متماسك الثوابت،صلب المراجع والامتدادات والآفاق الزمكانية،لأنَّه عقل جبَّار كما يعلم الجاهل قبل العارف،شخصية استثنائية بكل ممكنات الدلالات،استطاع أسطوريا تجاوز مختلف العوائق والصعوبات،والمحن والموانع الذاتية و الأسروية والمجتمعية،كي يخلق من وجوده عنوانا كبيرا،للارتقاء صوب أعلى مدارج الكمال،البذل،العطاء،بفضل الإبداع والخلق المعرفيين.

طه حسين،مثلما الشأن مع جلِّ العظماء الذين امتلكوا قدرة كتابة التاريخ من اللاشيء،كي ينتقلوا بالإنسانية ويضعوها ضمن سبيل الارتقاء والرقيِّ،ليست سيرته في غير حاجة إلى إحالة أخرى كيفما تبلورت،قصد اكتمال الهوية سواء الشخصية أو العلمية.

غير أنَّ ميزة اكتمال الذات بالذات،فيما يتعلّقُ بعميد الأدب العربي،أخذت منحى مغايرا،حينما أصدرت السيدة سوزان كريسو كتابا مهمّا للغاية تحت عنوان ''معك''،تأبينا ورثاء مستفيضين لزوجها.

منذئذ،صارت الأدبيات التي تهتمُّ بتراث طه حسين،تطرح في ذات الوقت وبكيفية متزامنة،صنيع زوجته سوزان،ودورها الفعَّال والرائد منذ زواجهما سنة 1915 غاية وفاته يوم 28 أكتوبر 1973،في تشكيل مشارب هذا النموذج النوعي وكذا الخلفيات التي ارتقت بصاحب ''في الشعر الجاهلي'' صوب طليعة روَّاد القرن العشرين.

ترجمات فيليب سوليرز :احتفالات ذكرى دانتي و دوستويفسكي
2024 - 04 - 14

في خضمِّ استعدادات الاحتفال خلال موسم الدخول الثقافي،بوفاة الكاثوليكي دانتي أليغري قبل سبعمائة سنة،تبادر مجلة الحياة إلى محاورة الكاتب فيليب سوليرز،عاشق معلِّم فلورنسا الايطالية،قصد الاستقصاء مرة أخرى عن آثار عمله.مرَّت الآن سبعة قرون على وفاة دانتي في إيطاليا.

بعد انقضاء خمسمائة سنة على تلك الواقعة،جاءت ولادة فيودور دوستويفسكي في روسيا تحديدا.سواء الحقبة وصولا إلى اللغة مرورا بالثقافة،عوامل مختلفة أرست معالم تباعد بين الكاثوليكي دانتي والأرثوذوكسي دوستويفسكي.مع ذلك،تقترح كتاباتهما سبرا مثيرا للنفس البشرية وتجربة روحية، بين طيات الأوجاع والسعي نحو النور.

   خلال عزِّ فصل الصيف،توخَّينا الغوص مرة أخرى في نصوص هذين الصَّرحين الكونيين،دانتي أليغري وكذا دوستويفسكي،ولايوجد أفضل من فيليب سوليرز،عاشق معلِّم فلورنسا،كي يتيح لنا مفاتيح ذلك.

يشبه مقام سوليرز على مستوى الآداب الفرنسية،مرتبة البابا،وقد هيمن حضوره على الحيِّ الباريسي''سان جيرمان دي بري''منذ نصف قرن تقريبا.شغوف لايكلّ،بحيث أصدر مؤخَّرا تباعا''عميل سرِّي'' ثم ''أسطورة''،تحوُّلات ضمن هواجس السعادة،النساء، القراءة، والموسيقى.

نظراته متوقِّدة دائما،عبارات شرهة،نبرة صوت لاتقبل التنازل،استقبلنا فيليب سوليرز في مكتبه المكتظِّ بأيقونات عناوين منشورات غاليمار،الحيطان تغطِّيها الكتب،غاية السقف.متحمِّس كي يجعلنا نتقاسم معه قناعة مفادها،أنَّ أعماله المنجزة فترات الزمن الماضي، تضيء أكثر من ذي قبل سياق عالمنا المعاصر وكذا منعرجاته.

مؤلفات إصدار كتاب : ''غاستون باشلار :قراءات جديدة(العلم، الأدب، القصيدة)
2024 - 04 - 05

أصدرت دار جبرا للنشر والتوزيع الأردنية،عملا جديدا للباحث سعيد بوخليط ،تحت عنوان :''غاستون باشلار : قراءات جديدة (العلم،الأدب،القصيدة).

مقاربة بحثية أخرى،ضمن سلسلة اهتمام سعيد بوخليط ،أساسا بالرافد الأدبي والنقدي لدى غاستون باشلار.تقول،إحدى فقرات التقديم :''توطِّد هذه المقاربات لفكر غاستون باشلار،حلقة إضافية،ضمن مسار الإصدارات السابقة،التي خصَّصْتُها منذ سنوات لمنجز باعث رؤى النقد الأدبي الجديد وكذا الشعرية الحديثة،ثم قبل ذلك،ملهم مرتكزات إبستمولوجيا جديدة تستشرف بنيات،منظومات، مناهج،وأسس العقل العلمي المعاصر،حسب جدلية ذهنية خلاَّقة؛تشتغل في الآن ذاته على علاقته بذاته ومختلف التطورات المعرفية والمنهجية التي تشهدها حقول أخرى.رغم ذلك،لازال الطريق طويلا،الأوراش ملحَّة كثيرا،قدر تركيبها البنيوي،تداخلها النظري،تحاورها المفهومي اللانهائي،مما يستدعي باستمرار،اجتهادا ومثابرة،وتركيزا متصوِّفا،قصد سبر أغوار آليات التمرُّس على الإحاطة ببعض ذخائر باشلار صاحب مشروعي فلسفة النفي البنَّاءة و ظاهراتية الصورة الشعرية الملهمة''.

مقالات سياسية شذرات عابرة بخصوص ذاكرة فلسطينية خالدة
2024 - 03 - 30

منذ مذبحة مخيم صبرا وشاتيلا يوم 16 سيتمبر 1982،وقد بلغتُ آنذاك عتبة إرهاصات تشكُّل وعيي السياسي،بحيث اختبرتُ هزَّات شخصية قدر بعدها الوجودي، خلخلت بحدَّة ممكنات طمأنينة طفولتي،ضمن تداخل روحي بين الذَّاتي والموضوعي،بلغ علمي وجود شيء في هذا العالم اسمه القضية الفلسطينية،ثم نتيجة اطِّراد معرفتي بالمعطيات السياسية وتراكم سياقها ونضجها،وفق وتيرة  شغف حضرني فطريا دون تأثير أو تهيئ قبلي،أدركتُ حينها،أنَّها قضية تتجاوز كثيرا ما عرفته بمناسبة واقعة المذبحة،وكذا ماالتقطتُه بالكاد من أخبار حول مايجري بفضل جهاز مذياع في حجم كفِّ اليد،عبر أثير نشرات إخبارية نفيسة للغاية؛مع ندرة المعلومات إبَّان ذلك الزمن البعيد.  

داخل فصول الدراسة،أذكر أستاذا للغة العربية،خلال تلك الفترة،لايبدأ قط الحصَّة التعليمية قبل إحماءات ضرورية تمزج حقيقة بين الهزل والجدِّ،حينما يحفِّزنا على طريقته التربوية المذهلة،قصد التَّباري نحو الإسراع إلى السبُّورة لتشكيل النصِّ المكتوب وضبط حركات الحروف وإعراب ماتيسَّر من الجمل،ثم بعد ذلك التحوُّل إلى التغنِّي بمقاطع فيروز. ذات يوم،أملى علينا قصيدة ''زهرة المدائن''،وألحَّ بأغلظ أيمانه،على ضرورة أن نحفظها كي نستظهرها أمامه في صبيحة اليوم الموالي عن ظهر قلب،وسيؤثِّر ذلك بالتأكيد على علامات التنقيط سلبا أو إيجابا .

تحميل المزيد
لا مزيد من المشاركات لاظهار