مقالات سياسية نتنياهو وإشكالية قانون التجنيد العسكري
2024 - 03 - 26

''سنحدِّد أهدافا لتجنيد اليهود المتشدِّدين في الجيش الإسرائيلي وفي الخدمات المدنية الوطنية،وسنحدِّد أيضا وسائل لتنفيذ هذه الأهداف''.عبارة،أدلى بها نتنياهو خلال إحدى المناسبات،مؤكِّدا بالتالي رغبة حكومته قصد إعادة طرح قانون إعفاء اليهود المتشدِّدين من أداء الخدمة العسكرية،أثارت كثيرا حفيظة المتديِّنين المتشدّدين،أو مسَّت''بكيفية غير مقبولة"الوضعية التاريخية لجماعة الحريديم،نسبة إلى كلمة الحريدي التي تعني التقيِّ،وتشير إلى اليهود الأرثوذوكس،الذين اتَّسعت نسبة قاعدتهم العددية داخل المجتمع الإسرائيلي بحيث تقارب حاليا%24 ضمن نسيج عدد سكان،ويلعبون دورا مفصليا بخصوص تشكيل الحكومة وتأليف لبنات مكوِّناتها ثم إمكانيات نيلها ثقة الكنيست،ضمنها طبعا حكومة نتنياهو اليمينية المتطرِّفة.ذلك،أنَّ بقاءه في السلطة،يعتمد بنيويا على أصوات أحزاب الحريديم.

هؤلاء المتديِّنون،تمتَّعوا دائما منذ قيام الكيان العبري سنة1948، بإعفاء قانوني من التجنيد الإجباري حينما اتَّفق آنذاك ديفيد بن غورين مع حاخامات الحريديم على استثناء أربعمائة رجل ينحدرون من هذه الجماعة ومكوثهم داخل المدارس الدينية بغية دراسة التعاليم التوراتية.

ترجمات فيليب سوليرز ومهنة الناشر
2024 - 03 - 24

يعتبر فيليب سوليرز رمزا أساسيا للوسط الأدبي الفرنسي منذ نصف قرن،و من القلائل الذين نجحوا على مستوى تحقيق المعادلة الخطيرة بأن يكون في نفس الوقت كاتبا وناشرا.يشرف لدى غاليمار على سلسلة''اللانهائي''منذ أربعة وعشرين سنة،ومجلته التي تحمل نفس الاسم،التزم سوليرز عبر حلقاتها باكتشاف كتَّاب(سيسيل جيلبيرت،ريجيس جوفري،إيمانويل بيرنهايم،كاثرين كوسيه)بحيث وجدوا سبيلهم منذ تلك الفترة.

سوليرز المزداد سنة 1936،وهو شخصية عمومية قدر عشقه للظلِّ و شعريته، يجلس في غرفة مكتبه الصغير المغطاة جدرانه بالكتب، داخل مؤسسة غاليمار،كي يتحدث عن مجلة تيل كيل، ثم بارت ولاكان، باطاي، وفي خضم ذلك مساره كناشر.سيجارة  بين الشفتين،يصور خطابه إشعاعيا حيثيات مايزيد عن خمسين سنة انصبَّت على النشر وكذا الأدب الفرنسي.

س- متى وكيف أصبحتَ ناشرا؟

ج-عندما أدركتُ،بعد أن حققتُ نجاحا كبيرا للغاية،بواسطة روايتي ''عزلة فضولية" (1958)،وأنا في سنٍّ صغيرة لم أتجاوز حينها الثانية والعشرين،بدا لي الأمر مريبا جدا،مما خلق لدي رغبة اختراق نظام النشر.جيد أن تحقَّق ذلك الأمر،لأنه بوسعي الإقرار حاليا،بأنَّ  تلك البداية مع ''سوي''ثم ''غاليمار''،حفَّزتني على مواصلة الإصدار مرة أخرى.إذن،تبنَّيت مشروع النشر الذاتي.خطوة،مكَّنتني من استباق زمن إمكانية اختفاء القراءة.من جهة أخرى،أثارت سلسلة ''فوليو''اهتمامي قصد بلورة المشروع الموسوعي الذي ميَّز مضامين بعض كتبي(حرب الذوق،خطاب رائع،إلخ)،مع تحوُّل التقدير بخصوص كل المكتبة.نشأ مع مشروعي مع رولان بارت،حينما كتب نصّا رائعا للغاية حول لوحات موسوعة ديدرو.جمعتنا باستمرار جلسات عشاء مشتركة،حدَّثني إبّانها عن ضرورة إعادة صياغة الموسوعة.توفي سنة 1980،ثم واصلت المشروع :يلزم إعادة كتابة التاريخ بناء على وجهة نظر أخرى.

ترجمات غاستون باشلار : قراءة في رواية سيرافيتا
2024 - 03 - 22

''اكتملْ داخل نوركَ الكوكبِيَّ !انبثقْ !اقطُفْ !تسامى !فلتصبح أنتَ وردتكَ الخاصة !''(أوغست دو فيليي دو ليل أدام).

كتب بول فاليري،في تقديمه لترجمة كتاب مارتان لام،حول إيمانويل سويندنبرغ، مايلي : ''يرنُّ بشكل غريب الاسم الجميل سويندنبرغ على الآذان الفرنسية.يوقظ لديَّ جملة أفكار متداخلة حول صورة رائعة لشخصية متفرِّدة،حظيت باهتمام تاريخي أقلّ قياسا لإبداعه على مستوى نصوص الأدب.أقرُّ بأنَّ معلوماتي حول سويندنبرغ،غاية أيام قريبة،  مصدرها قراءات صارت بعيدة جدا،أساسا ما انطوى عليه نصّ سيرافيتا لبلزاك وكذا فصل كتبه جيرار دو نيرفال. مرجعان وحيدان، يعود عهد قراءتهما إلى  ثلاثين سنة".

أن يحتفظ ذهن متوقِّد كما الشأن مع بول فاليري،بحصيلة قراءة تمتدُّ إلى فترة شبابه، ويحوِّل في خضمِّ ذلك ذكرى سيرافيتا المستلهِمة للاسم الكبير سويندنبرغ،إلى عطاء يستحيل نسيانه، يجسِّد واقعة تعكس بوضوح إشكالية سرد مدهش بلورته صفحات رواية سيرافيتا.

بالتأكيد،حينما نستعيد أولى إشارات بلزاك إلى سيرافيتا،فلا شيء يكشف استلهامه مرجعية إيمانويل سويندنبرغ.جاءته فكرة السَّرد،مثلما كتب إلى السيدة هانسكا(زوجة بلزاك)،يوم الأحد17 نونبر 1833 عند النحات تيوفيل فرانسوا برا،لحظات تأمله لوحات :''مريم العذراء وهي تحتضن طفلها المسيح تحت رعاية الملائكة''.ثم تجلَّت لبنات المشروع :''ستكون سيرافيتا بمثابة طبيعتين انطوى عليهما كائن واحد،مثلما فعلت أيضا رواية فراغوليتا''(1)،لكن مع فارق أفترضه مفاده أنَّه كائن يمثِّل مَلاكا بلغ درجة تحوُّله الأخير، ثم يفكّ غطاءه كي يرتقي صوب السماوات.

أحبَّه رجل وامرأة،فقال لهما،لنحلِّق إلى السماوات،ثم أُغرِم أحدهما بالثاني،لقد جمع بينهما العشق، فاعتبرا هذا الكائن محض مَلاَك(2).

مقالات سياسية أوجاع الجوع في غزة وتسلية المظلات
2024 - 03 - 18

الكون بمجمل أنطولوجيته غاية الآن،كل تاريخه، جغرافياته، بحاره، محيطاته، بشره،حجره،حيواناته،حضاراته، ثقافاته، زعمائه، جيوشه، ذكاءاته الطبيعية والاصطناعية، أمواله، أبراجه، طائراته،أقماره التكنولوجية،ناطحات سحبه،أسلحته التقليدية، النووية، الجرثومية، علمائه، خبرائه، قوانينه،عدالته،أجهزة أمنه الفكري والبوليسي

رغم ضخامة امتداد حياة الكرة الأرضية،التي قارب عمرها نحو 4.5 مليار سنة وساكنتها تناهز ثمان مليارات نسمة،بجانب أرقام فلكية أخرى،يوجد عجز ميكروفيزيائي بحجم هذا الوجود نفسه، قصد العثور على مجرَّد أقرب نقطة بين خطَّين مستقيمين قصد إدخال أيّ لقمة ربما تسدّ رمق فلسطينيي غزة.

كل هذا العالم،استعصى عليه أمر تبيُّن فجوة ثقب صغير،حتى يتحدَّى هذا العالم نفسه حقا،ويختبر مدى قدرته على هزم الظلم، الهوان،ثم تنظيمات الجريمة المنظَّمة في شكل دول.

أسلوب إلقاء حمولات عشوائية من السماء،جزافا وكيفما اتفق،حتى لايموت من يموت فعلا،بدا حقيقة عبثيا وسورياليا،أقرب إلى بروفات مظلِّيين مبتدئين،جَسَّدت فعليا صورة سوداء وثَّقتها التقنية الحالية،ستُؤبِّدها أرشيفات التاريخ كعنوان تراجيدي خالد يشي بالعجز الذي بلغته منظومة القيم خلال هذه الحقبة القاتمة،تضاف إلى مجمل سِجِلاَّت مخزون الذاكرة البشرية الموصولة دائما بشهادات ناطقة عن فترات مؤلمة جدا،اختبرتها إبَّان فترات تاريخية اكتسحتها اختلالات بنيوية أثَّرت نوعيا على إيقاع التوازن المفترض،كي يستمر رياضيا قانون الجدل الثنائي.

مختلف هذا العالم بجامعاته العلمية،معاهده المعرفية،مراكزه البحثية،تشكيلات نخبه،نظرياته،مرتكزات قوته المادية والناعمة،منظماته،إلخ،لم يصادف أبدا مساحة  كيلومترات طبيعية فوق اليابسة،يستسيغها المفهوم،نحو سبيله الإنساني كي يحظى الفلسطينيون بأبسط حقوقهم البيولوجية،لأنه في نهاية المطاف وقبل بداية المطاف،مثلما وجب التذكير،ينتمي الفلسطينيون إلى فصيلة البشر،سوى بطريقة رمي استعراضي لما تيسر من السماء،على طريقة ''قلوبهم معنا وقنابلهم علينا ''(أحلام مستغانمي)،مع ذلك لاتصل الحمولة،بالكيفية التي يجدر وصولها،كريمة تراعي الكرامة وتحفظ ماء وجه الإباء،فالبحر نفسه جائع يتربَّص بها قبل اليابسة،مما يكشف عن مستويات العوز الذي وَطَّده الحصار الإسرائيلي عبر كل مناطق غزة منذ سنوات.

السيرة الذاتية
تحميل المزيد
لا مزيد من المشاركات لاظهار