ترجمات فيليب سوليرز :احتفالات ذكرى دانتي و دوستويفسكي
2024 - 04 - 14

في خضمِّ استعدادات الاحتفال خلال موسم الدخول الثقافي،بوفاة الكاثوليكي دانتي أليغري قبل سبعمائة سنة،تبادر مجلة الحياة إلى محاورة الكاتب فيليب سوليرز،عاشق معلِّم فلورنسا الايطالية،قصد الاستقصاء مرة أخرى عن آثار عمله.مرَّت الآن سبعة قرون على وفاة دانتي في إيطاليا.

بعد انقضاء خمسمائة سنة على تلك الواقعة،جاءت ولادة فيودور دوستويفسكي في روسيا تحديدا.سواء الحقبة وصولا إلى اللغة مرورا بالثقافة،عوامل مختلفة أرست معالم تباعد بين الكاثوليكي دانتي والأرثوذوكسي دوستويفسكي.مع ذلك،تقترح كتاباتهما سبرا مثيرا للنفس البشرية وتجربة روحية، بين طيات الأوجاع والسعي نحو النور.

   خلال عزِّ فصل الصيف،توخَّينا الغوص مرة أخرى في نصوص هذين الصَّرحين الكونيين،دانتي أليغري وكذا دوستويفسكي،ولايوجد أفضل من فيليب سوليرز،عاشق معلِّم فلورنسا،كي يتيح لنا مفاتيح ذلك.

يشبه مقام سوليرز على مستوى الآداب الفرنسية،مرتبة البابا،وقد هيمن حضوره على الحيِّ الباريسي''سان جيرمان دي بري''منذ نصف قرن تقريبا.شغوف لايكلّ،بحيث أصدر مؤخَّرا تباعا''عميل سرِّي'' ثم ''أسطورة''،تحوُّلات ضمن هواجس السعادة،النساء، القراءة، والموسيقى.

نظراته متوقِّدة دائما،عبارات شرهة،نبرة صوت لاتقبل التنازل،استقبلنا فيليب سوليرز في مكتبه المكتظِّ بأيقونات عناوين منشورات غاليمار،الحيطان تغطِّيها الكتب،غاية السقف.متحمِّس كي يجعلنا نتقاسم معه قناعة مفادها،أنَّ أعماله المنجزة فترات الزمن الماضي، تضيء أكثر من ذي قبل سياق عالمنا المعاصر وكذا منعرجاته.

ترجمات فيليب سوليرز ومهنة الناشر
2024 - 03 - 24

يعتبر فيليب سوليرز رمزا أساسيا للوسط الأدبي الفرنسي منذ نصف قرن،و من القلائل الذين نجحوا على مستوى تحقيق المعادلة الخطيرة بأن يكون في نفس الوقت كاتبا وناشرا.يشرف لدى غاليمار على سلسلة''اللانهائي''منذ أربعة وعشرين سنة،ومجلته التي تحمل نفس الاسم،التزم سوليرز عبر حلقاتها باكتشاف كتَّاب(سيسيل جيلبيرت،ريجيس جوفري،إيمانويل بيرنهايم،كاثرين كوسيه)بحيث وجدوا سبيلهم منذ تلك الفترة.

سوليرز المزداد سنة 1936،وهو شخصية عمومية قدر عشقه للظلِّ و شعريته، يجلس في غرفة مكتبه الصغير المغطاة جدرانه بالكتب، داخل مؤسسة غاليمار،كي يتحدث عن مجلة تيل كيل، ثم بارت ولاكان، باطاي، وفي خضم ذلك مساره كناشر.سيجارة  بين الشفتين،يصور خطابه إشعاعيا حيثيات مايزيد عن خمسين سنة انصبَّت على النشر وكذا الأدب الفرنسي.

س- متى وكيف أصبحتَ ناشرا؟

ج-عندما أدركتُ،بعد أن حققتُ نجاحا كبيرا للغاية،بواسطة روايتي ''عزلة فضولية" (1958)،وأنا في سنٍّ صغيرة لم أتجاوز حينها الثانية والعشرين،بدا لي الأمر مريبا جدا،مما خلق لدي رغبة اختراق نظام النشر.جيد أن تحقَّق ذلك الأمر،لأنه بوسعي الإقرار حاليا،بأنَّ  تلك البداية مع ''سوي''ثم ''غاليمار''،حفَّزتني على مواصلة الإصدار مرة أخرى.إذن،تبنَّيت مشروع النشر الذاتي.خطوة،مكَّنتني من استباق زمن إمكانية اختفاء القراءة.من جهة أخرى،أثارت سلسلة ''فوليو''اهتمامي قصد بلورة المشروع الموسوعي الذي ميَّز مضامين بعض كتبي(حرب الذوق،خطاب رائع،إلخ)،مع تحوُّل التقدير بخصوص كل المكتبة.نشأ مع مشروعي مع رولان بارت،حينما كتب نصّا رائعا للغاية حول لوحات موسوعة ديدرو.جمعتنا باستمرار جلسات عشاء مشتركة،حدَّثني إبّانها عن ضرورة إعادة صياغة الموسوعة.توفي سنة 1980،ثم واصلت المشروع :يلزم إعادة كتابة التاريخ بناء على وجهة نظر أخرى.

ترجمات غاستون باشلار : قراءة في رواية سيرافيتا
2024 - 03 - 22

''اكتملْ داخل نوركَ الكوكبِيَّ !انبثقْ !اقطُفْ !تسامى !فلتصبح أنتَ وردتكَ الخاصة !''(أوغست دو فيليي دو ليل أدام).

كتب بول فاليري،في تقديمه لترجمة كتاب مارتان لام،حول إيمانويل سويندنبرغ، مايلي : ''يرنُّ بشكل غريب الاسم الجميل سويندنبرغ على الآذان الفرنسية.يوقظ لديَّ جملة أفكار متداخلة حول صورة رائعة لشخصية متفرِّدة،حظيت باهتمام تاريخي أقلّ قياسا لإبداعه على مستوى نصوص الأدب.أقرُّ بأنَّ معلوماتي حول سويندنبرغ،غاية أيام قريبة،  مصدرها قراءات صارت بعيدة جدا،أساسا ما انطوى عليه نصّ سيرافيتا لبلزاك وكذا فصل كتبه جيرار دو نيرفال. مرجعان وحيدان، يعود عهد قراءتهما إلى  ثلاثين سنة".

أن يحتفظ ذهن متوقِّد كما الشأن مع بول فاليري،بحصيلة قراءة تمتدُّ إلى فترة شبابه، ويحوِّل في خضمِّ ذلك ذكرى سيرافيتا المستلهِمة للاسم الكبير سويندنبرغ،إلى عطاء يستحيل نسيانه، يجسِّد واقعة تعكس بوضوح إشكالية سرد مدهش بلورته صفحات رواية سيرافيتا.

بالتأكيد،حينما نستعيد أولى إشارات بلزاك إلى سيرافيتا،فلا شيء يكشف استلهامه مرجعية إيمانويل سويندنبرغ.جاءته فكرة السَّرد،مثلما كتب إلى السيدة هانسكا(زوجة بلزاك)،يوم الأحد17 نونبر 1833 عند النحات تيوفيل فرانسوا برا،لحظات تأمله لوحات :''مريم العذراء وهي تحتضن طفلها المسيح تحت رعاية الملائكة''.ثم تجلَّت لبنات المشروع :''ستكون سيرافيتا بمثابة طبيعتين انطوى عليهما كائن واحد،مثلما فعلت أيضا رواية فراغوليتا''(1)،لكن مع فارق أفترضه مفاده أنَّه كائن يمثِّل مَلاكا بلغ درجة تحوُّله الأخير، ثم يفكّ غطاءه كي يرتقي صوب السماوات.

أحبَّه رجل وامرأة،فقال لهما،لنحلِّق إلى السماوات،ثم أُغرِم أحدهما بالثاني،لقد جمع بينهما العشق، فاعتبرا هذا الكائن محض مَلاَك(2).

ترجمات فيليب سوليرز: أنا كاتب أوروبي من أصل فرنسي
2024 - 03 - 05

1مدينة بوردو

مهمة جدا للغاية بالنسبة إلي.لقد ركَّزتُ كثيرا حول فرادة هذه المدينة،ليس فقط جغرافيا،بل تاريخيا.حدث أن ولدتُ هنا.الدراسة في ثانوية مونتسكيو،وكذا ثانوية مونتين. هذه المدينة التي عرفتها مظلمة،بحيث عوقبت خلال القرن التاسع عشر وأساسا إبّان القرن العشرين،صارت بالتأكيد متألِّقة ثانية عبر الزمان،استعادت ذاتها مثلما رآها ستاندال ضمن فصول عمله ''أسفار''،بمعنى خلال القرن الثامن عشر،والذي اكتمل شيئا ما متأخرا حوالي سنة 1820،مقارنة مع التصور المتداول.لماذا تسليط عقاب بتلك الطريقة على مدينة متوهِّجة للغاية؟بغتة تنطلق شرارة ذاكرة المعمار وكذا فنِّ أن تحيا عميقا جدا.لايلزم فقط العيش داخل نطاق مدينة بوردو نفسها،لكن على امتداد ضواحيها،لاسيما الصعود إلى أعلى مصب جيروند،حيث جبال العنب،مثلما قال هولدرلين في قصيدته الشهيرة المعنونة ب : تِذْكار، التي أعيد قراءتها،ومثل جلِّ القصائد العظيمة،يمكنها أن تقرأ ثانية لانهائيا.اقتضى الأمر انتظار قرنين من الزمان كي نعلِّق في بوردو لوحة تشير إلى مرور هولدرلين من هذه المدينة.لقد ارتشف هذا النبيذ مثلما تناوله شكسبير حين صعوده إلى المنصة.ولدتُ خلال لحظة اكتساح الفيالق العسكرية الألمانية بوردو.منذئذ،استوعبتُ تدريجيا إلى أيِّ مدى كنتُ فرنسيا شيئا ما أو فرنسيا لكن مع ضرورة أن أقتفي على ضوء شمعة آثار مكمن معطيات وجودية أخرى.يبدو جوهريا،الإشارة إلى شيء معين انطوت عليه ثقافتي المنحدرة من أولى سنوات طفولتي،بحيث شَكَّل أساسا لكثير من أنواع سوء الفهم،وكذا الكراهية بيني وزملائي، عندما تجلى دون تردد نزوعي الأنغلوفيلي أي الإعجاب بالثقافة الانجليزية،ويلزمني السعي نحو البحث عن أسرة من هذا النوع.اطَّلعتُ مؤخرا على مضامين لقاء حواري أجراه غيوم دوران مع آلان روب غرييه.كان بشوشا باستمرار،بغتة أظهر عنادا بخصوص معرفة سبب مناصرته للماريشال فيليب بيتان.ينتمي أبوه إلى منطقة بروتون،وبالنسبة لأهل بروتون،تعكس الانجليزية عدوا موروثا،موقف يستدعي البكاء.أيضا،مدينة بوردو عاصمة الجنوب؛ثم إلى أين المآل حين انهيار فرنسا؟نحو بوردو.تجسِّد أبعد نقطة مكانية،والميناء تحديداالغرفة الشعبية التي انتخبت مطلق السُّلط إلى بيتان أو بوردو فعليا.سؤال ينبغي التركيز عليه،مادام هناك شيء ليس على مايرام.إنَّها نظرية لوحات الإعلانات.أول إعلان :   .1940-1942ماذا حدث؟من يكون؟ينبغي النظر نحو من ولدوا سابقا،كما الشأن معي،لكن أيضا الآباء،الأجداد،الأجداد الأولين،والتاريخ في خضم ذلك،ثم حزب جيروند، إلخ.ثانيا،التسلُّل الاسباني.لقد ولدتُ لحظة النزوح الاسباني إلى بوردو،بعد الحرب الأهلية،واقعة وسمت أيضا،حياتي الشخصية،بكيفية عميقة جدا.تواجد كذلك حشد من الايطاليين دون الحديث عن الباسكيين.بالتالي،هي مدينة مثَّلت لي تجمُّعا وأنا طفل. أولا،تعرَّضنا للاحتلال الألماني.كنا نصدح بكلمة ألمانيا داخل الطابق الأرضي،وحين الصعود إلى الأقبية العليا،نستمع إلى راديو لندن،وأحيانا تحت أسقف المغارات،ينبغي الالتزام بالصمت نظرا لوجود مظلِّيين إنجليز يلزمهم الانتقال إلى إسبانيا.الأهم لديَّ،إعادة ربط تاريخي الصغير بالتاريخ العام.حينما أتأمَّل إحدى خصوصياتي :يمكنني الإقرار حينها،  بأنِّي كاتب أوروبي من أصل فرنسي.التحفظ الوحيد،فيما يتعلق ببوردو،وقد بادر ألان جوبيه إلى فعل كل مابوسعه حتى تغدو هذه المدينة ثانية قابلة للتنفُّس،أنها رفضت إعادة تمثال لويس الخامس عشر إلى موضعه،وهو سعي ممكن تماما ما،في خضم توفر إمكانية السَّبك.سميت ''ساحة البورصة''،التي تعتبر إحدى أروع الساحات الأوروبية،لكنها في المقام الأول ساحة لويس الخامس عشر،ربما يتحقَّق المبتغى خلال يوم من الأيام.تعود دائما إحدى مقوِّمات فعلي إلى فترة القرن الثامن عشر الفرنسي،الذي يعتبر حسب اعتقادي،متقدِّما علينا، بمعنى قياسا لمستوى التَّدهور الذي أصاب هذا البلد.

2الجائزة الأدبية

عندما أصدرتُ شهر سبتمبر2002،رواية ''نجمة العشَّاق''،اعتقد مجمل الوسط الأدبي بأنِّي راغب في جائزة غونكور :احتُضن العمل فورا دون قراءته،من المفارقات المثيرة للسخرية، ترشيحها مرة ضمن لائحة رينودو،ثم سرعان ما اختفى عنوانها من القائمة كأنَّ الأمر مجرد خطأ.تستند أرصدة الناشرين على جانب غير معلن. حيلة من جانبي قصد النظر؟ربما،لم تكن قط ''الجوائز''غايتي.لقد حصلتُ،وأنا شاب جدا،على جائزة فيليكس فينيون بفضل جان بولهان،ثم جائزة ميديشي سنة 1961،جراء مبادرة استراتجية من طرف فرانسوا مورياك نحو ناشري إضافة إلى جوائز أخرى دون دلالة كبيرة،جائزة بول موراند للأكاديمية الفرنسية.طيب،مختلف ذلك دون أن أثير اهتماما بالمطلق.حينما ندرك مدى تعبئة نموذج النشر الفرنسي المصغَّر كما لو أنَّه شخص واحد بخصوص هذه القضايا،لذلك يظل مستمتعا وغير منزعجين سوى قليلا.حاولتُ الوقوف بطريقة ما عند''المنتصف''،فلديَّ أصدقاء يشتغلون في المجال،ثم التفرُّغ لحياة خاصة.لستُ مرشحا للأكاديمية الفرنسية، ولاحظَّ يذكر بخصوص الظفر ذات يوم بنوبل.لاأنتمي لعضوية لجنة تحكيم،باستثناء الجائزة الأدبية''جائزة ديسمبر''،''جائزة صغيرة'' :الفائزون زمرة كتَّاب نوعيين،ومع ذلك أبدي التذمُّر؟ تتَّسم حياتي الاجتماعية بالتواري،وكذا حياة رسمية متحفِّظة كناشر،ثم حياة خفية بالأحرى مكثَّفة.عموما 1l4 مرئية،3l4 غير معلومة.بالنسبة لتقدير شخص لايقرأ الشيء الكثير،سأحصل على تقييم نسبة 1l4،وبطريقة خاطئة.آه!ويظل اعتزازي الدائم بجائزة مونتين : مائة وعشرون قنينة من النوع الممتاز ! مع ذلك احتُسيت بأكملها.

تحميل المزيد
لا مزيد من المشاركات لاظهار